Monday, July 29, 2019

تنتج حالة التوائم الملتصقة من تلقيح بويضة واحدة وبالتالي يكون التوأمان

أما إيناس فهي بانتظار مولود جديد. تقول: "إنه طفل واحد هذه المرة، وليس توأمين. كان الحمل السابق مختلفا. لم أكن أعرف إنهما ستولدان حيتين. كانت سنة صعبة.
كان اللقاء بالنسبة للجراحَين عاطفيا. يقول دوناواي "إن زيارة البنتين في مسكنهما ورؤيتهما مستقرين محيطهما، تذهبان للمدرسة وتستمتعان بحياتهما مع أسرتهما، تعد جائزة حقيقية، فهي تخبرنا عن أهمية تلك الجراحة النادرة".
ريتال وريتاج دليل على نجاح عملية فصل توأم ملتصق بالرأس كلما كان العمر غضا وقدرة الجسم على النمو أفضل. ولكن العملية باهظة ويصعب تحمل تكاليفها، وهو ما خبرته أسرة صفا ومروة.
يقول: "لو أجرينا العملية في وقت مبكر لكانت النتيجة أفضل.
"ستعانيان من بعض القصور على المدى الطويل، نتوقع مشكلات في الحركة والوظائف الذهنية، ولكن الأم تؤكد أن الوضع بالتأكيد سيكون أفضل مما لو لم نمنحهما الفرصة".
ولدى إجراء مثل هذه العمليات غير العادية، يفكر الجراحون مليا ما إذا كانوا فعلوا الشيء الصحيح. ولكن دوناواي يعرف أن الحياة كان من الممكن أن تغدو عسيرة للتوأمين إن لم يفصلا.
ويقول "ربما كان من الصعب توفير العناية الكافية لجعلهما تتمتعان باللياقة والصحة المطلوبتين. من الواضح أنهما ستواجهان بعض المتاعب ولكني أعتقد بأن النتيجة النهائية ستكون إيجابية إجمالا. فلديهما فرصة التمتع بعيش سعيد الآن".
واليوم أنشأ الجراحان مؤسسة خيرية تحت اسم Gemini Untwined لجمع البحوث والمعلومات الخاصة بالتوائم الملتصقة وتدبير المال للحالات التي تحتاج دعما.
يقول دوناواي: "ما نريده تجنب هذا التأخير المؤذي في علاج الأطفال. ونريد أيضا أن تكون لنا ذراع متخصصة بالبحوث تزودنا بكل ما نحتاجه من معلومات".
جاء يوم مغادرة صفا ومروة المستشفى، وقد مضت قرابة خمسة أشهر منذ فصلهما وتعافت البنتان ببطء. تعين إجراء ترقيع جلد لهما بمؤخرة الرأس وتزاولان علاجا طبيعيا بصورة يومية للتدرب على حركات أساسية كالجلوس والدوران ورفع الرأس.
ألبستهما أمهما ألوانا حمراء وذهبية زاهية احتفالا بالمناسبة، وبينما تلملم زينب آخر الأغراض تضحك مروة لمداعبة جدها، وتقلدها أختها صفا. ما زال الطريق طويلا ولكنهما تحرزان تقدما.
ويأتي داناواي لإلقاء الوداع، وكذلك جيلاني بعد أن أنهى لتوه عملية. لقد ارتبط بشدة بالأسرة وبات يشعر بفخر واضح برؤيته للبنتين وقد تحسنتا بما يكفي لمغادرة المستشفى.
ستمكث صفا ومروة والأسرة في لندن للأشهر الستة المقبلة على الأقل، بينما تخضع البنتان للعلاج الطبيعي والفحوص الطبية في حين تعتزم أسرتهما العودة لباكستان مطلع 2020.
وإذ يتركون المستشفى وراءهم، والتي كانت بمثابة منزل لهم طوال 11 شهرا، لا تشك زينب في أنها اتخذت القرار الصحيح بفصل البنتين.
في صالة العمليات يحتشد طاقم طبي يقارب العشرين فردا يعملون جميعا وكأنهم رجل واحد.
يجري العمل بسلاسة وبحركات جميعها محسوبة دون أن يبدر ما يدل على توتر أو قلق بل أن الأنامل والأيادي تباشر بحرص مهماتها واحدة تلو الأخرى.  
غير أن ما يجري ليس عملية معتادة، إذ تظهر الأضواء الباهرة لصالة العمليات كتلة مدثرة هي في الواقع جسدا طفلتين هما صفا ومروة الملتصقتين عند الرأس، وقد انكشف مخاهما أثناء انهماك الجراحين في عملية فصل شبكة معقدة من الأوعية الدموية المشتركة بينهما.
ولكن سرعان ما يتلاشى هدوء صالة العمليات وسكونها بإنذار يطلقه أطباء التخدير.
أنجبت زينب بيبي سبعة أطفال قبل أن تحمل بتوأمها، وقد وضعتهم جميعا في البيت وكانت تعتزم أن تضع توأمها هذه المرة في البيت أيضا.
ولكن حين أظهر فحص الموجات الصوتية وجود مشكلة نصحها الأطباء بضرورة اللجوء للمستشفى لتضع وليديها.
كذلك حذرها فريق الولادة الطبي باحتمال أن يكون التوأم ملتصقا ولكن لم يذكروا منطقة الإلتصاق.
ولم يبد أن أحدا يعي مدى المضاعفات التي قد يحملها المستقبل.
في السابع من يناير/كانون الثاني 2017 ولدت زينب توأمها بعملية قيصرية في مستشفى حياة آباد في بيشاور على بعد 50 كيلومترا من منزلها في شمالي باكستان.
حينها قيل للأسرة إن الطفلتين بصحة جيدة.
وصل الجد إلى قسم الولادة بالمستشفى حاملا الحلوى للممرضات تهنئة بالوليدتين كما جرت العادة.
وكان ما زال في حداد على ابنه المتوفى واختلطت مشاعره عند رؤية حفيدتيه، إذ يقول: "كنت سعيدا لرؤيتهما بينما أفكر ماذا عساي أن أفعل بهما وهما ملتصقتا الرأس؟"
مضت خمسة أيام قبل تعافي زينب بما يكفي لتلتقي بوليدتيها، وقد حملوا إليها صورة لهما كي تستعد نفسيا.
ولكنها تقول إنها أحبت البنتين ما أن رأتهما.
وبعد شهر من الولادة خرج التوأمان من المستشفى ووافقت الأسرة على السعي لفصلهما إذا كان ذلك ممكنا.
عرض مستشفى عسكري إجراء العملية ولكن رجح مسؤولوه أن تموت إحدى البنتين جراء ذلك فرفضت الأم المجازفة بأي منهما.
وجرى بحث خيارات أخرى، وحين بلغت البنتان من العمر ثلاثة أشهر أتيح للأسرة الإتصال بجراح أعصاب الأطفال أويس جيلاني الذي يعمل بأحد أشهر مستشفيات الأطفال في العالم، مستشفى غريت أورموند ستريت في لندن.
وبعد الاطلاع على صور الأشعة للطفلتين رأى الجراح إمكانية فصلهما بأمان على أن تجرى العملية قبل عامهما الأول للحصول على أفضل النتائج.
حينها بدأ السباق مع الزمن.
قبل أغسطس/آب 2018 حصلت الأسرة على تأشيرات دخول المملكة المتحدة ولكن لم يتوفر لهم بعد التمويل اللازم للعمليات التي تجرى على نفقة المريض ولا يتكفل بها التأمين الصحي البريطاني، ولم يكن جيلاني قد تمكن إلا من جمع القليل من المال المطلوب لتسديد التكاليف الطبية.
بلغت البنتان 19 شهرا من العمر أي أكثر بكثير من السن الذي يحبذه المستشفى لإجراء العملية. ولو تأخر الوقت أكثر من ذلك فقد يصبح الفصل أشد خطورة وتتدنى فرص التعافي لاحقا.
يتذكر الطبيب لحظة وصول الأسرة فيقول: "وصلوا في مطلع أغسطس/آب ولم يكن لدينا سوى القليل من المال المطلوب. وصلت الطفلتان وكنت متوترا إذ شعرت بمسؤولية شخصية تجاههما".
تم توفير إقامة لخال البنتين محمد إدريس، وجدهما، بشقة قرب المستشفى؛ أما زينب فآثرت البقاء بجانب طفلتيها والنوم في نفس الغرفة بالمستشفى.
تؤكد الأم أن لكل بنت شخصيتها المختلفة عن الأخرى وإن التصقتا بالرأس.
تقول: "صفا ذكية وسعيدة وتحب الكلام" بينما مروة خجولة "تفضل أن تناجي نفسها وإن كلمناها قد لا ترد".
أعطت المحامية السماعة لصديقها الجراح وطلبت منه أن يخبر من على الجانب الآخر من الخط عن البنتين، وكان المستمع هو رجل أعمال باكستاني ثري يدعى مرتضى لاخاني، وخلال دقائق معدودة تم التبرع بسداد تكاليف العلاج.
يقول لاخاني "البنتان من باكستان وهي بلدي الأصلي، ولكن سبب عرضي المساعدة في الواقع هو أن تلك العملية ستنقذ حياة طفلتين. لم أفكر كثيرا في الأمر فالأطفال هم المستقبل".
وبالتالي نصح جيلاني الأسرة بالقدوم فورا إلى إنجلترا.
يقول أحدهم: "أعتقد أن الصدمة بالكهربائية أصبحت ضرورية".
لو فقدوا مروة فربما فقدوا صفا أيضا.
وتقول: "أنا سعيدة بالتأكيد لأني أمهما. أستطيع الآن حمل إحدى البنتين لساعة والأخرى بعدها. استجاب الله لدعائنا".